السبت، 28 مايو 2016

رسالة طفل سوري – محمد الفاضل







أكتب لكم رسالتي التي يعلوها غبار المنزل ، بعد أن سقط فوق رؤوسنا ، لعل صوتي الصغير يصل إلى مسامعكم ، عسى أن تصحوا ضمائركم وتفتحوا أعينكم على الحقيقة المرة ، جسمي النحيل محشور بين كتل الأسمنت والحجارة ، بعد أن تهدم منزل أحلامي على رؤوسنا ، البيت الدافئ الذي كان يحتضىن الجميع ، أضحى ركاماً.

هنا كنا نتحلق حول مدفأة الشتاء ، على رائحة شواء الكستناء ، نستمع إلى حكايات جدتي عن الزمن الجميل ، هناك في تلك الزاوية البعيدة كنا نبوح للقمر بأحلامنا وأسرارنا ، نغزل من ضوء القمر مجموعة أمنيات ، هناك ترقد دميتي الملطخة بالدماء وتتبعثر أقلامي وكراسة رسمي ، صدري يضيق بالركام ، يجثم فوقه ، ولكن الهموم أكبر.

جبل من الهموم يرقد فوق أضلاعي ، في تلك الغرفة كنا نغفو على سرد الحكايات ولمسات أمي الحانية ، نرنو إلى القمر عبر نافذة الأحلام ، نطالعه في كبد السماء ، تتعلق به قلوبنا الصغيرة المثخنة بالجراح ، أنا ضحية المساومات وتصفية الحسابات ، أنا ضحية مؤتمرات الخسة ، حيث شربت الأنخاب ، أنا المواطن ، مجرد رقم في عشية الانتخابات.
أنا ضحية طالبي ثأر ، للحقد قد رضعوا ، تعشعش في عقولهم خيوط العنكبوت ، أنا الصغير لا أفقه بالسياسة ولا خطط التقسيم ، أنا من ابتلع البحر أمه وأباه ، أنا من أمسى بيته خيمة في وسط الصحراء ، بعد أن كنت للضيف أخا وحبيبا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق