الاثنين، 28 مارس 2016

ترنيمة عاشق – محمد الفاضل

مليكتي ... سلوى الروح ونبض الفؤاد ، مازلت أتفرس بين الوجوه وأفتش عنك بين ظلال الزيزفون والخمائل ، وأسأل زهر نيسان ومساءات كانون . أوشوش السوسن والشحارير وأهمس لهم باسمك ، أحاول أن ألون وأرسم بريشتي مواسم فرح وقوس قزح ، أتدرين ؟ حتى قهوتي لم تعد تستهويني ! كم كنت أعشق قهوة الصباح معك وينتابني جذل طفولي والعصافير تغرد حولنا ... والكون يلفه خشوع العابدين وصمت العاشقين. ياأجمل أشعاري وأبهى صباحاتي ، ترنيمة اسمك تبرئ كل أسقامي ، وثغرك الباسم يزيل كل عذاباتي ، واليوم تعلن ريشتي العصيان بعد أن كانت طوع بناني ، وهاهي ترتجف بين أصابعي ومافتئت تسألني ، ألم تنس ؟ ألن تنسى ؟ أتدرين ياصنو الروح ، هي لاتعرف أن الأشجار لو اقتلعت من حضن دافئ وغرست في أرض غريبة ، تذبل أوراقها وتصفر بعد أن كانت خضراء يانعة ، قبلة للناظرين ، تذوي سريعا وتشيخ قبل أوانها ! تمر الأيام ثقيلة ، تخنق الروح ولا أشعر بتغير الفصول ... يمر الخريف ويأتي الربيع ، وكأن كل الأشياء فقدت بريقها . بت أمقت قيثارتي فهي لاتعزف سوى الشجن ، ولم يبق فيها سوى وتر ، بت أخشى فتح صندوق ذكرياتي وتصفح ألبوم صوري المبعثرة في زوايا الغرفة . يانسيم الصبا مر بديارهم وأرسل سلامي وقل لهم بات عاشقكم ذبيح الهوى ، رفقا بقلب أنهكه النوى . شكوت وجعي إلى حكيم حار في أمري وأردف قائلاً .. ياولدي داؤك ليس له دواء. السويد – 28 / 03 / 2016
Read more ...

السبت، 26 مارس 2016

حبات الأرز – بقلم محمد الفاضل

لم تكن قد تعدت الستين من عمرها ، رسم الزمن لوحة رمادية وحفر أخاديداً في وجهها المتغضن الذي يحكي اَلاف القصص . غارت عيناها واحدودب ظهرها ، كانت تجر رجليها بضعف جلي لاتخطئه العين وتزداد شحوباً وهزالاً مع مرور الأيام التي كانت تزحف ببطء شديد . انسابت دمعة سخية على خديها فمسحتها حتى لا ترى نظرة الشفقة في عيون ذلك المسخ الغريب وهو يختال مزهواً ببزته العسكرية.لم يدر بخلدها أن الإنسان ممكن أن ينحدر باَدميته إلى هذا المستوى من الانحطاط والحيوانية. عادت بها الذاكرة إلى الوراء ، كانت تبكي في صغرها وترتعش إذا رأت عصفوراً يذبح أمامها. - سيدي إنها تحمل كيساً ، لعله مليء بالمتفجرات !! - اقتربي ! توقفي ! هل أنت خرساء ؟ كانت تحملق في وجهه فاغرة فاهها كالمشدوهة ، بدت مذهولة ، - حتى النساء ؟ أكاد لا أصدق ! - ماذا يوجد بداخل هذا الكيس ؟ إياك والكذب فأنا أعرف جيداً أمثالك ، كلكم ارهابيون - كانت تتطلع إليه في بلاهة شديدة ! وتردد في استعطاف ، انه مجرد كيس أرز سادت فترة من الصمت ، وأحست ببرودة في أوصالها . أطرقت رأسها إلى الأرض وأسقط في يدها - أيها العسكري خذ منها الكيس ، وبدأ ينتزعه وكأنه ينتزع قلبها ، فالمدينة في حالة حصار ظالم وقد عز الطعام خارت قواها وأحست بغصة في حلقها، كيف يمكن أن تعود خالية الوفاض ؟ ماذا ستطعم أولادها ؟ بدأت كل تلك الأسئلة تدور برأسها، أخذت تتطلع حولها عل أحداً يهب لمساعدتها . بدأ الوحش الضاري بإفراغ الكيس فوق أرضية الشارع في محاولة لكسر روحها , تكومت على أرضية الشارع وبدأت تجمع حبات الأرز والألم يعتصر قلبها . على مقربة منها كان ذلك المسخ يتكيء على عجلته العسكرية حاملاً سلاحه الاَلي . أما المسخ الاَخر فقد اكتفى بالتقاط صورة لها وهو يقهقه منتصراً وقد ظن أنه نال من روح التحدي والعزيمة .كانت تود أن تصرخ ملء شدقيها ، أنا لست ارهابية ، أنا انسانة تحب الحياة والعصافير والفراشات الملونة. أنا أمقت الطائفية وأحب كل الألوان، كانت تبدو على وجهه علامات السقوط و الهزيمة. السويد – 25/03/2016
Read more ...

الخميس، 24 مارس 2016

الغرفة الموصدة - بقلم محمد الفاضل

في تلك القرية النائية ، وسط مجموعة من الشجيرات والأحراش والصخور ، تتناثر بضعة بيوت تقبع بجانب سفح جبلي مرتفع يبعث على الهيبة وعندما يتوارى قرص الشمس خلف الجبل يصبح المكان موحشاً ، يبعث على القشعريرة. بعيداً عن صخب المدينة وأضوائها يعيش أهالي القرية الذين لايتجاوز تعدادهم المئات ، هاجر معظمهم إلى المدينة طلباً للرزق ، بعيد أن أعياهم الصبر وقرروا أن يرحلوا بدون عودة بسبب القحط الذي حل ضيفاً ثقيلاً على قريتهم المنحوسة .في أول القرية محطة باص يتيمة ولا يمر فيها سوى باص متهالك مرة في الأسبوع وقلما تشاهد سيارة. منزل جدتي الذي بلغ من العمر عتياً وتقوست جدرانه وانحنت كهيئة رجل عجوز وانتشرت في بعض أرجاء المنزل عناكب كانت شباكها تتدلى متحفزة لاصطياد فريسة شاء حظها العاثر أن تقع ضحية شباكها. المنزل مكون من طابقين وفي كل طابق غرفتان ، عشت وترعرعت مع جدتي التي كانت شديدة الصرامة ولا نجرؤ أنا وأخي الأصغر على مخالفة أوامرها عندما تصدرها لنا بنبرة حازمة ، معلنة اقتراب ساعة النوم وضرورة أن يأوي الجميع إلى الفراش ، عندها نبدأ بالتقافز مخافة أن ينالنا العقاب وتبدأ بالسباب والشتائم ، ولكن خلف ذلك الوجه الصارم يختبئ شئ غريب ، لا أدري نوع من الطيبة ربما. ولكن لماذا لا تظهرها لنا ؟ طالما سألت نفسي ذلك السؤال ، في الطابق العلوي وفي نهاية الرواق تقبع غرفة بابها موصد دائماً ، وفي أعلى الباب شباك مرتفع وطالما أثارت فضولنا . عندما كنا نقترب من باب الغرفة كانت جدتي تنتفخ أوداجها وترغي وتزبد وتتحول إلى كائن مخيف . في ذلك المساء الرهيب كنت أنا وأخي نحاول أن نخلد إلى النوم ، فجأة سمعنا صوت أنين وعويل صادر من الطابق العلوي وخيل لنا أن هناك من يجر سلاسل ، جمد الدم في عروقي وبدأت أرتعد برغم محاولتي إظهار الشجاعة أمام أخي . انسللنا من الفراش ومشينا على أطراف أصابعنا ، لا أدري كيف حضرتنا الشجاعة وعندما وصلنا إلى الرواق بدأت الأصوات تظهر جلياً . اقتربنا من باب الغرفة الموصدة واذ بضوء خافت يظهر من أسفل الباب والنافذة ، تسلل أخي وأحضر كرسياً كي أصعد فوقه . ومن خلال شباك النافذة استطعت أن أرى شبح رجل عجوز مكبلة أرجله بالسلاسل وجدتي تحاول إطعامه. السويد / 23 – 3 - 2016
Read more ...

الاثنين، 21 مارس 2016

الحمد لله كتابي بعنوان عصافير الغوطة تموت نائمة قيد الطبع عن دار العنقاء للنشر أكاديمية الفينيق ويتضمن مجموعة قصص وخواطر.كل الشكر لزوجتي الغالية على دعمها وتشجيعها المتواصل
Read more ...

الجمعة، 11 مارس 2016

المهرج الصغير – محمد الفاضل

أسند رأسه الصغير المتعب فوق الرصيف البارد وهو يحتضن رفيقه الأثير على قلبه , ينام بقربه ولا يفترقان أبداً, لقد أصبح أنيسه في وحدته القاتلة , حاول أن يخلد إلى النوم ولكنه لم يفلح البتة , بدأ موتور معدته يعزف صوتا نشازا ويصدر قرقعة مثل صرير باب قديم أكل عليه الدهر وشرب , معلناً تمرده ورفضه الانصياع إلى أوامره . ولطالما حاول أن يلقمه بضع كسرات خبز قديمة كان يحتفظ بها في كيس قماش متسخ تكسوه بقع زيت وتتوزع الرقع فيه على كامل مساحته , عله يهدأ ويتوقف عن الشكوى والتذمر المستمر . حاول أن ينال قسطاً من الراحة بعد ماكابده أناء النهار من مشقة أثقلت كاهله في البحث عن بقايا خبز يسد بها رمقه , يذرع الحي جيئة وذهاباً ويحدوه الأمل أن يؤمن قوت يومه ليبعد عنه شبح الجوع.كان يحرص على انتعال رفيقه المفضل الذي يفوق حجمه جسده النحيل وهو يسير مترنحاً مثل مهرج سيرك مع فارق أن وجهه لاتعلوه المساحيق ويخلو من أية تعابير ضاحكة. عاد بذاكرته إلى الوراء قليلاً , يوم قرر أحد القناصة أن يمارس هوايته المفضلة ويتسلى باختيار ضحيته ويقرر بدون رحمة أن يرسله إلى العالم الاَخر دون أن يعبأ بما سوف تؤول إليه أمور عائلته عندما يفجعون بخبر موته. في ذلك اليوم المشؤوم كان والده يصرخ ملء حنجرته " حرية " " حرية " مع مجموعة من المتظاهرين ولم يكن يعلم أنها سوف تكون كلماته الأخيرة. يومها قرر أن يحتفظ بحذاء والده وأصبح ميراثه الوحيد , مرت الأيام ثقيلة وبإيقاع رتيب وبدت على محياه علامات التعب والهزال وهو يتحامل على نفسه ولم يعد يقوى على الحركة كما كان يفعل قبل فقدان والده . الذئاب البشرية تحاصر المدينة حصاراً مطبقاً وتمنع عن الأهالي الطعام والدواء في محاولة مستميتة لقهرهم , في ذلك المساء الرمادي زاره طيف والده في المنام وبدأ يسأله عن أحواله وتلمس وجهه الشاحب وكم هاله ماأصاب ولده من هزال حتى بدا كالأشباح. " لماذا تركتني وحيداً ياأبي " لماذا " " خذني معك فقد خارت قواي ولم أعد أطيق العيش وحيداً " " لن أتركك مرة أخرى ياولدي الحبيب " " ثق بي , أعدك " أشرقت الشمس في صباح ذلك اليوم وبدأت خيوط الشمس تتسلل على إستحياء , وبدأ الأهالي يتجمعون أمام ذلك الملاك الطاهر وهو ينتعل حذاء والده وعلى مقربة منه بقايا شظايا خبز قليلة وتعلو وجهه ابتسامة لم يفهموا كنهها . السويد – 10 / 3 / 2016
Read more ...

الأحد، 6 مارس 2016

ليلة بكى القمر – محمد الفاضل

وجه ملائكي يضج بالحياة والفرح ذو الثلاثة عشر ربيعا , نقي كالسماء في ليلة صافية مرصعة بالنجوم المتلألئة , له وجه قمر باسم وروح شفيفة , وصوت كهديل الحمام , وعيون براقة أسرة تخترق سهامها قلب أمه المسربل بالحزن , تتوق لوجوده بقربها , رحيله قد يذبحها . شعره البراق ينسدل على كتفيه , كان قطعة موسيقى باذخة من روح أمه الموغلة في الحزن , يشبه وردة حمراء في حديقتها الخريفية. أرجوحة روح أمه وسلوتها , يخبئ القمر وجهه باستحياء عندما يبتسم وتفوح منه رائحة الياسمين , وتغرد الطيور في حنايا روح أمه عندما يدلف إلى البيت فيشيع الفرح في كل زوايا البيت الحزينة. رسمته حمامة بيضاء وقمر مضئ في زوايا روحها وحبسته خلف باب قلبها وأوصدت الباب بإحكام وأغلقت أضلاعها مخافة أن تفقده . فكرة فقده جعلها ترتعد وتغرق في صمت دفين يبعثرها ويشظيها , يمزق شرايين قلبها. " هل مازالت الكهرباء مقطوعة ؟" " نعم ياولدي , حاول أن تنام قليلا " " سوف أوقظك عندما يطلع النهار " " ألم يطلع النهار ياأمي ؟ لقد مللت . أريد أن أخرج وألعب مع أصحابي" " كلا يا حبة القلب , لم يطلع " تهاوت الأم تحت وطأة الحزن وحاولت أن ترسم شبح ابتسامة هزيلة , تنفلت الدموع من عينيها المتورمة , انسابت دمعة سخية فحاولت أن تغلق جفونها مخافة أن يحس بها , تشعر بإعياء شديد , تنتحب في غرفتها ويحفر الحزن أخاديد عميقة فوق شواطئ روحها المتعبة . لم يعد يزهر الياسمين في قلبها المترع بالأحزان , سمعها تهمهم ... "لقد فقد بصره " لقد فقد بصره" . بكى بحرقة ولم يستوعب ماحذث , البارحة سقط برميل حقد أسود من السماء , ينهش الوجع أوصال روحها فلاتقوى على الكلام. لقد فهم سر دموعها ... السويد – 6/3/2016
Read more ...