السبت، 30 يوليو 2016

لن أختبئ خلف اصبعي – محمد الفاضل



لن أتأنق وأضيع وقتي في اختيار البدلة المناسبة التي تليق بالحدث ولايهمني تناسق الألوان ، يكفي أن أحضر حتى ولو بملابس السباحة ، وسأرفض رفضاً قاطعاَ ارتداء ربطة العنق وسأتعمد لبس زوج جوارب مثقوبة ، سأضرب عرض الحائط بكل التقاليد والأعراف والمجاملات التي تعودنا عليها ، سوف أخالف جميع قواعد الاتيكيت والكياسة ، وربما ألجأ إلى سحب السفير بحسب القوانين الدولية المتبعة ، لم يعد ينفع أن نُجَمل الحقائق ونثني على جمال عيون الأعور ونُسهب في التغزل بها ، ونسبغ عليه ألقابا لايستحقها ، لن أختبئ خلف إصبعي وأدعي أن كل شئ على مايرام ، فالأمر جلل وأرفض الدخول في جدل بيزنطي لاطائل منه ، لن أدعي الحياد والموضوعية في تناولي هذا الموضوع الهام .هي مجرد تساؤلات مشروعة أضعها بين أيدي العقلاء وأخص بالذكر طبقة الانتلجنسيا بغض النظر عن مشاربهم ،

من الطبيعي أن نختلف في كثير من المسائل اليومية ولكن تبقى هناك ثوابت وبديهيات لايمكن الالتفاف حولها ، وإلا وسمنا بالعناد الأجوف وعدم المصداقية ، هذا إذا أحسنا الظن ، لماذا يصر البعض على إلصاق التهم والتخلف بالدين الإسلامي ويشوه الحقائق عن سبق إصرار وتعمد ؟ ماالعيب في إرتداء الحجاب ، أليس حرية شخصية ؟ وأنتم تتشدقون وتدبجون القصائد في أهميتها وقدسيتها ، أم أن الحرية درجات وألوان ؟ وقد لاتليق بالبعض ! هل أصبح الدفاع عن الشذوذ الجنسي فضيلة ورقي ، والملابس الساترة جريمة ؟

هل يُجرم البعض إذا أطلق لحيته ، وتكال له كل التهم والجرائم ، بل يعتبر إرهابي ؟ أليست اللحية موضة عصرنا ، وقد أنتشرت حتى في أوساط الممثلين والفنانين ؟ ألا يسعى الغرب لفرض سيناريو بالقوة على كل المنطقة ؟ هل جرائمه مبررة كون بشرته بيضاء ويرتدي أفخر ماركات البدلات ، ويضع العطور كي يغسل يديه من دمائنا ويظهر وكأنه داعية سلام ! من يقصف مدننا بالطائرات ، أليس الغرب ؟ من سَوق الورقة الطائفية ، ولمصلحة من ؟

لماذا ندافع عن الطغاة ونبرر جرائمهم ؟ لماذا نعطي الحق للحاكم المجرم أن يستخدم كل أدوات القتل ويستعين بكل المرتزقة والمليشيات ومن خلفهم الغرب ( حمامة السلام ) ونعتبره حق مشروع ؟ هل المطلوب أن نُدفن أحياء تحت ركام بيوتنا وتُمسح مدننا بحجة مكافحة الإرهاب ؟ إرهاب من ياسادة ، بالله عليكم أجيبوني !

هل يُعقل أن تستباح الشام من أجل طبخة مسمومة تُطبخ على نار وقودها الأبرياء ؟ هل من المنطقي أن يجلس الطاغية فوق كرسي من الجماجم ، كونه ظل الله في الأرض ؟ ثم يخرج علينا أحدهم ويسميه نصراَ ! هو ذئب فلماذا تصرون أن تلبسوه ثياب الحملان ؟ قليل من الحياء ، ياسادة وبضعة غرامات من الصدق ورشة بهارات من الموضوعية ، علها تُعيد لنا بعض كرامتنا المهدورة !

محمد الفاضل
السويد – 30 / 7 / 2016





Read more ...

الأربعاء، 6 يوليو 2016

مراكب خلف الشطاَن – محمد الفاضل




يتهادى قارب الأحلام في عرض البحر ، يحمل في جوفه وعود وأماني ظلت حبيسة صندوق ذكريات عتيق ، مع أهات وغصات ، في ذلك المكان البعيد خلف الشطاَن وغابات النسيان وبرد الشمال ، تنتظر الأمهات عند مرافئ الوداع عودة الأحباب ، هملت العيون وصدحت التسابيح في جوف الليل ، يحدوهم الأمل بلقاء قريب . ودعاء في ساعة سحر ، يا راحلين ارجعوا .. اشتاقت لكم زوايا المكان ، وسهرات المساء ، ومواسم الحصاد ، ورائحة قهوة الصباح بطعم الهال وعبق الياسمين ، رحلتم وتركتم في القلب غصة ، مازالت شجرة الدار وزهر الياسمين يتنسم عطركم مع نسيمات الصباح وأنفاس الفجر . مازال العيد يفتقد ضحكاتكم ، والأطفال ينتظرون ( خرجية ) العيد .

أبحرت مراكبكم مع أول ضياء ، تمخر عباب المجهول ، في لجة البحر وتلاطم الأمواج ضاعت الأمنيات والذكريات ، تحجرت الدموع في المأقي ، وعلى شاطئ البحر يرقد( اَلان ) يلعن الخذلان ، بعيدأ عن أحضان الأمهات المكلومات ودفء المكان ، مرت السنون سراعاً ولم تزل المراكب تبحث عن مرفأ .
حتى مرابع الصبا لم تعد تعرفنا ، بتنا غرباء ، في خضم بحثنا عن الأوطان .

يا بحر ...كم ابتلعت من قصص وحكايا .... وكم ابكيت من عيون ،
يا قارب الأحلام ... رفقاً بقلوب الأمهات ، فقد طالت الأيام ولم يعد للحزن متسع ،
يا ليمونة الدار ... أما زلت تذكرين عهدنا أم تراك نسيت ؟
يا عصفور السنونو ... أما زلت تحمل رسائل الشوق لأحباب خلف الوادي ، أم تراك هرمت ؟
يا كرمة الدار ... أما زلت تذكرين سهراتنا تحت ضوء القمر ، أم تراك يبست ؟

يا أماه ... أما زلت تذرفين الدمع وتشمين قميص يوسف وعدنان ، أم ترى عيناك ابيضت من الحزن على فرقة الخلان ؟ هل مازلت تلوحين لكل العابرين ؟ لله درك كم صبرت ، وكم ... وكم
كفكفي الدموع يا أماه ، نحن عائدون ، نحن عائدون يا وطن ، نكحل العيون بتراب الشام ونلثم جباه الأمهات ونمسح الغبار عن دفتر الذكريات وألبوم الصور ، نروي شجر الياسمين ونحتسي قهوة الصباح تحت ظلال الزيزفون وجفنات العنب . سنكتب على أوراق السنديان والحور قصائد غزل وملاحم فاقت بطولات أخيل .

السويد – 1 / 7 / 2016
Read more ...